الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} فهذا على ضمير يَقُولُ.{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} وقال {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} فانتصاب {كَاظِمِينَ} على الحال كأنه أَرَادَ القلوبُ لدىَ الحَنَاجِرِ في هذه الحالِ.{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} وقال: {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} فمن نون جعل المتكبّر الجبارَ من صفته ومن لم ينون أضاف القلبَ الى المتكبر.{وَقَالَ فَرْعَوْنُ ياهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} وقال: {ياهَامَانُ ابْنِ لِي} بعضُهم يضم النون كأنه اتبعها ضمة النون التي في {هامان} كما قالوا مِنْتِنٌ فكسروا الميم للكسرة التي في التاء وبينها حرف ساكن فلم يحل. وكذلك لم يحل الباء في قوله: {ابنِ لي}.{فَوقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} وقال: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} {النَّارِ} (47) فان شئت جعلت {النُارِ} بدلا من {سوءُ العذاب} ورفعتها على {حاقَ} وإن شئت جعلتها تفسيرا ورفعتها على الابتداء كأنك تقول: هي النار وإن شئت جررت على أن تجعل {النار} بدلا من {العذاب} كأنك أردت: سوءُ النارِ.{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} وقال: {غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} وفيه ضمير يقال لهم ادْخُلُوا يا آلَ فِرْعَوْنَ وقال بعضهم {أَدْخِلُوا} فقطع وجعله من أَدْخَلَ يُدْخِلُ. وقال: {غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} فانما هو مصدر كما تقول: آتِيهِ ظَلامًا تجعله ظرفا وهو مصدر جعل ظرفا ولو قلت مَوْعِدُكَ غَدْرَةٌ أو مَوْعِدُكَ ظلامٌ فرفعته كما تقول: مَوْعِدكَ يومُ الجمعة لم يحسن لأن هذه المصادر وما اشبهها من نحو سَحَر لا تجعل إلا ظرفا والظرف كله ليس بمتمكن.وقال: {أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} وقال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} فيجوز أَنْ يكون آل فرعون أُدْخِلُوا مع المنافقين في الدَّرَكِ الأَسْفَلِ وهو أشد العذاب.وأَمَّا قوله: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ} فقوله: لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا من عالَمِ أَهْلِ زَمانِهِ.{وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ} وقال: {كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} لأن التَبَعَ يكون واحدًا وجماعَةً ويجمع فيقال أَتْباع.{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} وقال: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ} فجعل {كُلٌّ} اسمًا مبتدًا كما تقول: إِنَّا كُلُّنا فيها.{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} وقال: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} و{تَقُومُ} كلٌّ جائز وكذلك كل جماعة مذكّر أَو مؤنّث من الانس فالتذكير والتأنيث في فعله جائز.{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} وقال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} يريد في الإِبْكارِ وقد تقول بالدارِ زَيْدٌ تريد زَيْدٌ في الدَّارِ.{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} وقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فقوله: {أَسْتَجِبْ} إِنَّما هو أَفْعَلُ هذه الألف سوى الف الوصل. أَلاَ تَرَى أَنَّك تقول: بِعْتَ تَبِيعُ ثم تقول أَبيعُ فتجيءُ فيها ألف لأَفْعَلُ فهي نظير الياء والتاء في يَفْعَلُ وتَفْعَلُ تقطع كل شيء كان على أَفْعَلُ في وصل كان أو قطع.{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وقال: {لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا} كأنه أضمر شَيْئًا. اهـ.
.قال ابن قتيبة: سورة المؤمن:مكية كلها.3-- {الطَّوْلِ} التفضل. يقال: طل علي برحمتك، أي تفضل.4-- {فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ} أي تصرفهم في البلاد للتجارة، وما يكسبون.ومثله: {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ} [سورة آل عمران آية: 196- 197].5- {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليهلكوه. من قوله: {فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ}.ويقال: ليحبسوه ويعذبوه. ويقال للأسير: أخيذ.10- {يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}.قال قتادة: يقول: لمقت اللّه إياكم في الدنيا- حين دعيتم إلى الإيمان، فلم تؤمنوا- أكبر من مقتكم أنفسكم حين رأيتم العذاب.11- {قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} مثل قوله: {وَكُنْتُمْ أَمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [سورة البقرة آية: 28]. وقد تقدم ذكر ذلك في سورة البقرة.12- {ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} كذبتم. وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا أي تصدقوا.15- {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} أي الوحي.18- {الْآزِفَةِ} القيامة. سميت بذلك: لقربها. يقال: ازفت فهي آزفة، وأزف شخوص فلان، أي قرب.19- {يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ} قال قتادة: هي همزه بعينه وإغماضه فيما لا يحب اللّه.والخيانة والخائنة واحد. قال اللّه تعالى: {وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ} [سورة المائدة آية: 13].32- {يَوْمَ التَّنادِ} أي يوم يتنادي الناس: ينادي بعضهم بعضا.ومن قرأ: {التَّنادِ} بالتشديد، فهو من ند يند: إذا مضي على وجهه يقال: ندت الإبل، إذا شردت وذهبت.36- و37- {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ} أي ابوابها.فِي تَبابٍ أي بطلان. وكذلك: الخسران. ومنه: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [سورة المسد آية: 1]، وقوله {وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [سورة هود آية: 101].40- {يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ} أي بغير تقدير.51- {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ} الملائكة الذين يكتبون اعمال بني آدم.56- {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ} أي تكبر عن محمد- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- وطمع أن يعلوه، وما هم ببالغي ذلك.60- {داخِرِينَ} أي صاغرين.75- {ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ} أي تبطرون. وقد تقدم ذكر هذا.80- {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} قال قتادة: رحلة من بلد إلى بلد.83- {فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا به.85- {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ} وسنته في الخالين: أنهم يؤمنون به- إذا رأوا العذاب- فلا ينفعهم إيمانهم. اهـ..قال الغزنوي: ومن سورة المؤمن:في الحديث: «مثل الحواميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب».3- {وَقابِلِ التَّوْبِ} جمع توبة ك دومة ودوم، وعومة وعوم. أو مصدر مثل توبة.{ذِي الطَّوْلِ} ذي الإنعام الطويل مدّته.{وَالْأَحْزابُ} عاد وثمود.6- {وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} أي: على مشركي العرب كما حقّت على من قبلهم.أَنَّهُمْ: بدل من كَلِمَةُ.7- {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً} هذا مما نقل فيه الفعل إلى الموصوف مبالغة، نحو: طبت به نفسا، والتقدير: وسعت رحمتك وعلمك كلّ شيء.10- {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ} حين يقول أهل النّار: مقتنا أنفسنا، وهي لام الابتداء، أو لام القسم.15- {يُلْقِي الرُّوحَ} الوحي الذي يحيي به القلوب، أو يرسل جبريل.{يَوْمَ التَّلاقِ} يوم يتلقى الأولون والآخرون. أو يتلقى أهل السماء والأرض، أو يلقى فيه المرء عمله.16- {لِمَنِ الْمُلْكُ} يقوله بين النّفختين، أو في القيامة فيجيب الخلائق: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.18- {يَوْمَ الْآزِفَةِ} القيامة، أو يوم الموت الذي هو قريب.{إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ} تلصق بالحنجرة لا ترجع ولا تخرج فيستراح.{كاظِمِينَ} ساكتين مغتمين، حال محمولة على المعنى إذ الكاظمون أصحاب القلوب.28- {يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} هذا باب من النظر يذهب فيه إلى إلزام الحجة بأيسر الأمر، وليس فيه نفي الكلّ. قال الشاعر- وهو النّابغة-:فكان مؤمن آل فرعون- وهو حزبيل-، وكان لفرعون بمنزلة وليّ العهد قال: أقل ما يكون في صدقه: أن يصيبكم بعض الذي يعدكم، وفي بعض ذلك هلاككم.19- {خائِنَةَ الْأَعْيُنِ} هو مسارقة النّظر، أو النظر إلى ما نهي عنه، أي: يعلم الأعين الخائنة.46- {يُعْرَضُونَ} تجلد جلودهم في النّار غدوة وعشيا بهذه المقادير من ساعات الدنيا.قال الحسن: وجميع أهل النّار تعرض أرواحهم على النّار غير أنّ لأرواح آل فرعون من الألم والعذاب ما ليس لغيرهم، وكذلك أرواح المؤمنين يغدا بها ويراح على أرزاقها في الجنّة، غير أنّ لأرواح الشّهداء من السّرور واللّذة ما ليس لغيرهم، فاستدلّ بهذا من قوله على أنه يذهب إلى أنّ الأرواح أجسام.74- {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} ليس بإنكار، إذ لا يكذبون في تلك النّار، ولكنه كقولك: ما صنعت شيئا ولم أك في شيء. اهـ. .قال ملا حويش: تفسير سورة المؤمن:عدد 10- 60- 4.وتسمى سورة غافر.نزلت بمكة بعد سورة الزمر عدا آيتي 56- 57 فإنهما نزلنا في المدينة.وهي خمس وثمانون آية.والف ومئة وتسعون كلمة.وأربعة آلاف وتسعمئة وستون حرفا.ويوجد في القرآن سبع سور مبدوءة بما بدئت به، وهي هذه والسجدة والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف، ولا يوجد مثلها في عدد الآي.قال تعالى: {حم 1} اسم للسورة ومبدأ أسماء اللّه المحسن والحكيم والحاكم والحنان والمنان والحي والمميت والمجيد والمبدئ المعيد، قال ابن عباس: لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم، والمر، وحم، ونون اسم اللّه الرحمن حروف مقطعة، وحم بمعنى حمّ أي قضي الأمر بما كان وما سيكون من مبدأ الكون إلى منتهاه، وهذه السور السبع تسمى آل حميم.قال الكميت بن يزيد في الهاشميات:وقال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: إن مثل صاحب القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر بأثر غيث، فبينما هو يسير ويتعجب منه إذ هو على روضات دمثات، فقال عجبت من الغيث الأول فهذا أعجب منه وأعجب، فقيل له إن مثل الغيث الأول مثل عظم القرآن، وإن مثل هذه الروضات الدمثات مثل آل حم وتجمع بالمدّ كالطواسين والطواسيم وتقرأ بالتفخيم ومد الحاء وفتحه وإسكان الميم، وقرأها حمزة وغيره بالإمالة، وقرأها قراء المدينة بين الفتح والكسر، وقرأها بعضهم بكسر الميم ويجمعها على حاميمات، ومن شواهد هذا الجمع ما قاله ابن عساكر في تاريخه: أما معناها فأحسن الأقوال فيها قول من قال اللّه أعلم بمراده بذلك كما هو الحال فيما تقدم من الأقوال في الر والم والمص وطسم وطس وق ونون وص، وشبهها لأنها رموز بين اللّه تعالى ورسوله لا يعرفها على الحقيقة غيرهما، راجع ما ذكرناه أوائل السور المذكورة تجد ما تريده، إذ لم نترك قولا قيل فيها وزدنا فيها ما لم يقله أحد وهو أنها رموز بين اللّه ورسوله، ومنها اتخذ الملوك والأمراء الشفرة التي لا يعرفها غيرهما، لأن جميع ما في الدنيا أخذ من كتب اللّه السماوية، سواء ما يتعلق بالملوك والحكام والأحكام والآداب والأخلاق والتنعيم والتعذيب والحراسة والمراسيم وغيرها.{تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ} الغالب المنيع، والكلام فيها كالكلام في مبدأ سورة الزمر المارة لفظا ومعنى وإعرابا، إلا أنه هنا يجوز جعل تنزيل فما بعده خبرا لحميم، وهناك ختم الآية بلفظ الحكيم، وهنا بلفظ {الْعَلِيمِ 2} بكل ما كان وسيكون في الدنيا والآخرة وهو من تفتن النظم ولا شك أن البليغ علمه بالأشياء وكنهها يكون حكيما بتصرفاتها ووصفها ووضعها في محالها {غافِرِ الذَّنْبِ} مهما كان لمن يشاء عدا الشرك {وَقابِلِ التَّوْبِ} من أي كان مهما كان فاعلا، وساتر لما كان قبل التوبة من الذنوب {شَدِيدِ الْعِقابِ} لمن يبقى مصرا على كفره وعناده لاستكباره عن الرجوع إلى ربه {ذِي الطَّوْلِ} السعة والغنى والأنعام الدائم {لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ 3} والمرجع في الآخرة.قد اشتملت هذه الآية العظيمة على ست صفات من صفات اللّه تعالى ملزمة للإقرار بربوبيته واستحقاقه للعبادة إذ جمعت بين الوعد والوعيد والترغيب والترهيب وهي وحدها كافية للإيمان به تعالى وبما جاء عنه من كتاب ورسول لمن كان له قلب واع وآذان صاغية. .مطلب الجدال المطلوب والممنوع وبحث في العرش والملائكة ومحاورة أهل النار: قال تعالى: {ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} باللّه ورسله وكتبه، أما المؤمنون فلا يجادلون بل يمتثلون أوامر ربهم فيه وينقادون لها ويسلمون لما جاء به الرسل ويحققونه فعلا.واعلم أن هذه الآية والآية 176 من سورة البقرة في ج 3 وهي {ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} من أشد آيات القرآن على المجادلين فيه.أخرج أبو داود عن أبي هريرة قال: إن جدالا في القرآن كفر، وقال المراء في القرآن كفر.وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قوما يتمارون، فقال إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب اللّه عزّ وجل بعضه ببعض، وإنما أنزل الكتاب ليصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعضه فما علمتم منه فقولوه وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه.
|